لماذا تنقلب مغناطيسية الأرض ؟

الانقلاب الجيومغناطيسي للأرض

الانقلاب الجيومغناطيسي للأرض هو التغير في المجال المغناطيسي لكوكب الأرض، وكأن القطبين الشمالي والجنوبي قد تبادلا الأماكن. يمر المجال المغناطيسي الأرضي بفترات "عادية" - كما في وضعنا الحالي حيث الاقطاب في مكانها الذي نعرفه - ، والقطبية المعكوسة حيث تتبدل الأقطاب. تسمى فترات الانقلاب هذه كرون Chron .

لا يوجد وقت محدد لفترات الانقلاب هذه ولا يمكن تحديد زمنها بدقة. لكن آخر انقلاب كان قبل 780 ألف سنة، وكان قصيراً للغاية - لم تتجاوز فترة الانقلاب "الفعلي" 250 سنة - .خلال فترات الانقلاب هذه تقل قوة المجال المغناطيسي الأرضي بنسبة 5% من قوته الأصلية.

كيف تنتج المغناطيسية الأرضية؟

المغناطيسية الأرضية ليست ثابتة. فعلى العكس من المغانط المعتادة، تنتج مغناطيسية الأرض من دوران المعادن المنصهرة في باطن الأرض. يؤكد الجيوفيزيائيين ان مغناطيسية الأرض ناتجة عن لبها الحديدي الصلب، المحاط بميحط هائل، وساخن، وسائل متحرك من المعادن المنصهرة. تنتج حركة المعادن هذه تيارات كهربائية تولد بدورها مجالا مغناطيسيا أرضيا.

وعندما يحدث الانقلاب المغناطيسي فإن هذا لا يعني انقلابا تاماً في الاقطاب؛ وإنما تنبثق الكثير من الاقطاب المختلفة وبشكل فوضوي وتقل قوة المجال المغناطيسي - لكن لا تتلاشى - وتستمر هكذا حتى يعود المجال المغناطيسي الأرضي لوضعه المستقر ويتمايز القطبان ثانية.

لكن، هل هناك تأثيرات " دراماتيكية" للانقلاب المغناطيسي على كوكب الأرض؟ الاجابة هي، لا.

كان أول تحديد زمني شبه دقيق للانقلاب المغناطيسي الأرضي في عشرينيات القرن الماضي قام به العالم موتوروني ماتاياما، حيث لاحظ صخرة معكوسة المجال ( تعكس اتجاه البوصلة ) تعود للعصر البلوستيسيني او اقدم قليلا. في ستينيات القرن الماضي تزايدت المعلومات نتيجة جمع عينات اكبر من رواسب قاع المحيط الاطلسي لصخور كثيرة اظهرت انقلابا مغناطيسياً واضحاً اربك اجهزة الملاحة البحرية العميقة.

ما تمت ملاحظته هو أن معدل انقلاب المغناطيسية الأرضية ليس ثابتا او محددا،فقبل 72 مليون سنة انقلب المجال المغناطيسي الأرضي 5 مرات في مليون سنة. وقبل 54 مليون سنة انقلب المجال 10 مرات خلال 4 ملايين سنة…

يطلق مصطلح السوبر كرون SuperChron على فترات الانقلاب التي تمتد لفترات طويلة حقاً -  على الاقل 10 ملايين سنة - وهناك فترتان فقط معروفتان فقط لدى العلماء هما Cretaceous Normal  و Kiaman .

حاولت الكثير من الدراسات التحليلية فهم الخصائص المميزة لفترات الانقلاب على امل ايجاد آلية محددة له. لكن، ونتيجة للفترات الزمنية القليلة التي شغلتها فترات الانقلاب بالنسبة إلى عمر الارض، لم يكن بالامكان جمع معلومات كافية لايجاد آلية محددة للانقلاب وتفسيره، او ايجاد تواتر معين لحدوثه.

التفسيـــــــــــــــــر :

حاول العلماء محاكاة ما يجري في باطن الأرض باستخدام أجهزة حواسيب متطورة في المعامل. في هذه النماذج، انتجت - وبشكل تلقائي - انقلابات في المغناطيسية الأرضية. وتم ملاحظة ان هذه الانقلابات غير منتظمة وبلا وتيرة محددة.

وعلى الرغم من هذا، يعتقد بعض العلماء امثال ريتشارد أ. مولر أن هذه الانقلابات ليست "تلقائية"، وإنما يحفزها مسببات أرضية تؤثر في حركة المعادن المنصهرة في باطن الأرض؛ مثل حركة الصفائح الارضية التصادمية او المنزلقة باتجاه باطن الأرض، او التصادمات على حواف الحدود القارية الصفيحية. وعلى كل، يبقى هذا الدليل الذي يربط بين هذه الأحداث والقطبية المعكوسة ضعيفا لم يثبت في برامج المحاكاة المخبرية.

في النهاية، وكما اسلفنا، اثبتت الدراسات التي اجريت على رواسب قاع المحيط ان الانقلابات القطبية لا تؤثر على دوران الأرض ولا على محورها. وبالتالي فلا أثر لها على الحياة النباتية والحيوانية على كوكبنا، كوكب الأرض.